1/30/2013

لغة الجسد و الرقص الفرعونى و تطوره (1) *** مصر الفرعونيه القديمه *** سلسله اعرف تاريخ بلدك

قدماء المصريين أبهروا العالم كله و الى الآن بالعلوم و الفنون.
و يعد الرقص الفرعونى لغة ايضا --- لغة الجسد التى صوروها على جدران معابدهم و نشاهدها الى الان.


و باستثناء عدد قليل من المهتمين بالفنون المصرية القديمة فإن المكتبة العربية مازالت في فقرها الممتد من ناحية الدراسات والبحوث التي تتناول هذه الفنون وفي مقدمتها فن الرقص المصري القديم، رغم مايتميز به من سبق تاريخي على مختلف الحضارات وبرغم مايمثله من نبوغ انساني مبكر بلغة الجسد وحركاتها.. لذلك فإن هذه اللغة تحتاج لجهود هائلة من أجل اكتشافها وتوثيقها ودراستها على الأقل لمعرفة تأثيراتها على فنون الحياة المعاصرة.



الرقص الفرعونى 
لغة الجسد هي التي تبقى.. هذا ماأيقنه قدماء المصريين، لذا جاء اهتمامهم بالرقص تعبيرا عن مشاعرهم المختلفة، ليكون أعمق اللغات استخداما.

مارسوه بقدرتهم الرائعة على التشكيل الحركي وتحقيق الانسجام المطلوب تعبيرا عن المناسبات والأحداث المتلاحقة في حياتهم.. وتطورت فنون الرقص لدى المصريين القدماء بداية من الرقص الديني والجنائزي المصاحب لدفن الموتى حتى شمل كافة الاحتفالات الدينية والدنيوية أيضا، فجاءت رقصات مثل (المو) ورقصة (حاتور وايزيس) وغيرها من الرقصات التي اعتبرها البعض نواة للفكر المسرحي في أول صورة، تماما مثلما يقول عالم المصريات (دريتون) اذن لنتجول قليلا في معابد ولوحات المصريين القدماء نتعرف على الرقص لديهم كأهم طقوس حركية يتم اضفاء القداسة عليها.

اشكال الرقص الفرعونى و مواصفاته:

 في الدولة القديمة: تنوعت أشكال الرقص، فكان إما مصحوبا بالغناء أو الموسيقى، أو كان رقصا خالصا، كما تميز بالطابع الديني البحت أو الجنائزي لكن هناك أيضا بعض الرقصات التي كانت تؤدى في ولائم الأمراء والملوك ويتسم الرقص في تلك الفترة بشكل عام بالروح الجماعية، وليس من الصعب أن نتبين في هذا الرقص درجة من الاكتمال، تتمثل في تعدد الحركات سواء التي تؤدَى بالأيدي أو الأقدام أو الوسط، كما تعددت الملابس وأردية الرأس وفقا لتعدد الرقصات.

 في الدولة الوسطى:  فقد اتجه الرقص الى الرياضة الاكروباتية التي اعتمدت على خفة الحركة بشكل ملحوظ، في نفس الوقت الذي أخذ فيه الرقص الجنائزي أشكالا أكثر تنوعا ووضوحا.

 في الدولة الحديثه: لعل أبرز سمة للرقص هى ظهور رقصات أجنبية سواء كانت أفريقية أو آسيوية، بفضل التوسع والاحتكاك الأكبر مع شعوب مختلفة، واستمرت في ذات الوقت الرقصات الدينية والجنائزية والدنيوية بدرجة أكثر ثراء.

مراحل تطور فن الرقص الفرعوني و أهم الرقصات:
حتى  نتمكن من تتبع مراحل التطور التي شهدها فن الرقص الفرعوني من بدايته وحتى مراحل ازدهاره يمكن أن تنعرض لأهم الرقصات التي اتسمت بطابع الانتشار، واكتسبت بالتالي أهميتها من حيث تسجيلها على جدران المعابد أو على لوحات البردي الموزعة حاليا على كثير من متاحف العالم.

رقصة الالهه (حاتور أو هاتور) الهه الحب والمسرح:
تأتي في مقدمة الرقصات، وهى رقصة كانت تؤدى ايضا في حضرة آلهة آخرين. وجأت هذه الرقصة لتحتل لوحة طويلة تمتد عبر 12 لوحة من ورق البردي، يمكن أن نرى في الجزء الأعلى منها مجموعة كبيرة من الراقصين يصطفون من اليمين الى اليسار ويرتكزون على قدم واحدة، في حين تتشابه حركة الأذرع تقريبا.. وفي الجزء الأسفل من أقصى اليمين مجموعة من المغنيين والعازفين على القيثارة والمزمار، ثم مجموعة أخرى من الراقصين وترتفع الأذرع مضمومة فوق الرؤوس.. ثم تأتي أربع مغنيات يصفقن في صورة ايقاع مصاحب للراقصين.

وكانت هذه الرقصة مقدمة تسبق رقصة أخرى أكثر عنفا وتعتمد على مهارة شديدة تصل الى مهارة الأكروبات، حيث نجد عددا من الراقصات، تقف واحدة منهن على ساق واحدة مثبتة على الأرض بينما الأخرى مرفوعة في الهواء.. والراقصة تميل بجزعها الى الخلف وذراعاها مرفوعتان الى الأمام مما يتطلب درجة عالية من التوازن، والى اليسار مغنيتان في ايقاع بالأيدي، ونلاحظ في هذه الرقصة التي سجلت على جدران عدد كبير من المعابد، أن لكل من الراقصات والمغنيات أزياء مختلفة بل وطرق مختلفة للتجميل وأغطية الشعر أو طريقة تضفيره.

رقصة (المو):
وهى رقصة جنائزية شاعت في الدولة الوسطى وتميزت بمعالم محددة تؤكد أصلها الأسطوري القديم، وتختلف التفسيرات في أصلها الأسطوري، فيرى البعض انها محاكاة لما صاحب دفن (أوزوريس) مستندين الى ذكر أماكن قديمة في شمال الدلتا مرتبطة بأوزوريس والأماكن التي عاش ومات فيها.. ويرى البعض أن هذه الرقصة تعود الى الدولة القديمة، وهذا دليل على أنها مجرد رقصة جنائزية سابقة على المرحلة التي تحددت فيها وبشكل واضح معالم الأسطورة (الأوزيرية) .. ويرى أخرون انها مظهرا لعبادة أولى تتسم بتقديم القرابين الى الملك..
وعموما فإن هذه الرقصة تجمع بين ثلاث رقصات متميزة،

  • الرقصة السريعة التي تستقبل الموكب الجنائزي عند وصوله الى الضفة الغربية.
  • ورقصة حراس عالم الموتى في قاعتهم وهم يرقبون المقبرة التي سيدفن فيها الميت.
  • ورقصة يشارك فيها ممثلون لأهل مدن الشمال القديمة المرتبطة بأسطورة (أوزوريس) في طريقه للمعبد.

الرقص التعبيرى: 
من الرقصات التي تلفت النظر رقصة يغلب عليها الطابع التعبيري، اعتبرها (دريتون) عالم المصريات المعروف، تجسيدا لنص حواري يغلب عليه طابع الاداء المسرحي، وهي مسجلة على احدى مقابر الدولة الوسطى، ولقد ربط (دريتون) بين هذه الرسوم وأحد نصوص (متون التوابيت) الذي يدور حول نداء الميت الى الريح في اتجاهاتها المختلفة ليستمد منها نسمة الحياة والاستمرار. ولقد حول (دريتون) هذا النص الى نص حواري، واعتبره من النصوص المسرحية وجاءت هذه الرقصة تجسيدا له.

الرقصات المهرجانيه: 
ولم يقتصر المصريون القدماء على الرقصات ذات الطابع الجنائزي فحسب أو تلك التي تدور حول حياة الموتى وعلاقتهم بالعالم الآخر، بل شهدت الحضارة المصرية القديمة عددا كبيرا من الرقصات المهرجانية منها مثلا الرقصة التي كانت تقام في أحد الأعياد الملكية المعروفة باسم (حب سد) وهو مهرجان كان يقيمه الملك بعد عدد من السنين لتجديد قواه وتثبيت عرش ملكه.. وفي هذا المهرجان نجد ألوانا مختلفة من الرقص وهناك رسوم تصور مهرجان (حب سد) للملك (أمنوفيس الثالث) مسجلة على احدى مقابر (طيبة) وتعتمد هذه الرقصات على أن يقوم كل ثنائي بتقديم حركات متشابهة تختلف عن الثنائيات الأخرى.. وهذا مانجده أيضا في رسوم احتفالات (حب سد) الخاصة بالملك (أوزركون الثاني).

احتفالات اقامة العامود (وجد): 
وهو رمز لبعث (أوزوريس)، ويمثل احدى حلقات الدراما الأوزورية، في هذه الاحتفالات المرسومة على جدران المقبرة نجد صفين، يمثلان راقصين وراقصات ومغنيات يؤدين مختلف الحركات، والشيء الملاحظ أن يكتب فوق احدى المجموعات مغنيات من الواحات أحضرن بمناسبة اقامة عامود (وجد)، وهناك اشارة متشابهة الى مغنيات قادمات من معبد واحة الخارجة اثناء الاحتفالات بأحد المهرجانات في معبد (ادفو) ليس من الغريب اذن أن تقدم الواحات المصرية المختلفة حتى اليوم رقصات شعبية مميزة ولها طابعها الخاص..
وفي هذه الرسوم رقصة مميزة للكهنة تمثل صراعا بالأيدي و العصا، وربما تكون رقصة التحطيب الموجودة اليوم مجرد تطورا لهذه البدايات القديمة.. ولكن يلاحظ أن هذه الرقصة لدى القدماء كانت أكثر حيوية وعنفا لذا كان الراقص يحمي ذراعه اليسرى بقطعة من الخشب مربوطة على الذراع بالاضافة لإسورة تحمي أصابع اليد اليمنى.

وتعبر رقصة الكهنة في احتفالات (وجد) عن حدث تاريخي قديم، فهم يمثلون مدن شمال الدلتا القديمة التي رحبت بالتوحيد أيام الملك (مينا)، وهنا نجد العصا أو قبضات اليد وسائل تعبير، وهنا تصبح هذه الرقصة تجسيدا لحرب التوحيد، وتصبح شكلا من اشكال المسرح تحل فيه الرقصة والحركات وأدوات (الاكسسوار) البسيطة محل الحوار..
ولعل أهم مايميز هذه الرقصة هو التجانس الحركي بين مجموعة رقصات أهل الجنوب ومايقابلها لدى أهل الشمال، رغم مايختلف به كل نوع عن الآخر..
كما أن هذه الرقصة تميزت بنوع من الحدة والعنف الحركي لتلائم مضمونها الرمزي من فكرة استخدام القوة وفكرة الصراع من أجل توحيد القطرين.

في مرحلة الدولة الحديثة: عادت رقصات (المو) للظهور والانتشار بشكل أكثر اتساعا لذا تعددت الرسوم التي تسجل هذه الرقصات وذيوعها في تلك الفترة، وفي معبد الكرنك وعلى احدى لوحاته الجدارية يمكن أن نرى مجموعتين من راقصي (المو) يستقبلون تابوت الميت، مجموعة من ثلاثة راقصين بلباسهم الخاص وغطاء الرأس الذي على شكل تاج الوجه القبلي، يستقبلون تابوت المتوفى الذي يتقدمه الكاهن ممدود اليد.. وتأتي حركة الاقدام في هذه الرقصة لتمثل ايقاعا تشكيليا بالغ الروعة، حيث أطراف الأقدام فقط هي التي تلمس الأرض بينما باقي القدم مرفوعة، أما القدم الأخرى فتكون منبسطة تماما على الأرض، ولنلاحظ أيضا حركة الذراعين الممدودتين والأصابع الثلاثة الممتدة، بينما اصبعين فقط منطويتين، أما المجموعة الراقصة الثانية في هذه اللوحة فتمارس حركاتها في القاعة المقدسة قبل مراسم دفن الميت.

وعلى لوحة أخرى ايضا تتناول رقصة (المو) التي يتم اجراؤها بشكل مختلف، فالمنظر هنا والملابس ورداء الرأس مختلفين تماما، فنرى في اللوحة راقصين يرقصان وخلفهما أبواب معبد قديم في شمال الدلتا يرتبط بأسطورة أوزوريس، رغم أن أحداث الدفن في طيبة الجنوبية! والراقصات يمثلن هنا كما هو واضح في السطور المكتوبة أسفل اللوحة أهل مدينة من مدن الشمال، ممايدل على سعة انتشار هذه الرقصة (المو) بطول البلاد وعرضها وان تباينت من مكان لآخر.

الرقص الجنائزي:
ورغم تعدد أشكال ومناسبات الرقص الفرعوني القديم، الا أن الرقص الجنائزي كان الأكثر عمقا وانتشارا، وهناك عشرات الرقصات المتباينة التي صاحبت مراسم دفن الموتى وتوديعهم في رحلتهم للعالم الآخر.. ولعل الرقص هو اللغة الأكثر تعبيرا عن مشاعر هؤلاء القدماء عندما يعتصرهم ألم الفراق وعدميته، لذا كانوا يهربون الى رقصاتهم الجنائزية ذات الطابع الديني أيضا والتي تقرب الميت الى الالهة وتساعده على العبور الى هذه الحياة الجديدة.

رقصات النساء النواحات أو المولولات
ومن أهم الرقصات المسجلة على جدران المعابد حتى اليوم ماتقوم به النساء (المولولات) وهن يضربن على الدف، والشعر في أغلب الأحيان يترك منسدلا على الجسم، والحركات تشمل الجسد كله، والأذرع والأيدي مغطاة بطمي النيل أو مايعرف حتى اليوم، باسم (النيلة)، وهؤلاء الراقصات يمثلن بلا شك الاصل التاريخي لفكرة (المعددات) الموجودة حتى اليوم في كثير من القرى خاصة في الجنوب المصري، حيث تتجلى الواحدة منهن في تأكيد مشاعر الحزن على الميت بالصراخ بصوت مرتفع مع تلطيخ الوجه والذراعين بالطمي وترك الشعر تماما مثل الراقصات الفرعونيات .. وان كانت الحركة الايقاعية الآن اتجهت ناحية الجمود في مقابل زيادة الاداء الصوتي والتركيز عليه، الا ان العلاقة جلية تماما في هذه الطقوس الفلكلورية المستمدة من احدى أهم الرقصات الفرعونية.

رقصة ايزيس
و هى من رقصات الحزن أيضا و هذه الرقصة المسجلة على جدران معبد (أدفو) وهي تجسد مشاعر ايزيس وحزنها على فقد أوزوريس في وخلفيتها صفوف من الباكيات والراقصات عاريات الوجه والشعر في ايقاع جماعي يميل الى البطء.


ورغم مايمثله الرقص الفرعوني من قيمة فنية وتاريخية عالية الا أن اهتمام المكتبة العربية به مازال ضعيفا الا من بعض الجهود الفردية للمتخصصين..
ومن هؤلاء تأتي الدراسات الهامة لعالم المصريات وفنونها لويس بقطر والتي تتناول تاريخ الرقص المصري القديم منذ بداياته الأولى والتي من خلالها استطاع التمييز بين الأنواع المختلفة لهذه الرقصات وطرق تأديتها ومضامينها..

يذكر (لويس بقطر) في دراسته المهمة (الرقص في مصر القديمة) اننا نستطيع أن نميز بين نوعين من الرقص، الرقص الديني وغير الديني.
ويمكن أن نقسم الرقص الديني الى:

  • رقص في المعابد في حضرة إله أو آلهة معينين أو في مواكب هؤلاء الآلهة.
  • أو رقص جنائزي عام تلعب فيه الأسطورة دورها البارز.. ويغلب عليه الاداء المسرحي فالراقصون يمثلون شخصيات أسطورية من خلال حدث أسطوري قديم في صورة جديدة حتى عناصر المكان توحي بهذا الاطار الاسطوري القديم وتصبح أقرب الى ديكور هذا الحدث..

ويمكن أن ينقسم الرقص الدنيوي الى:

  • رقص يغلب عليه طابع الفرح والبهجة كما نراه في الاحتفالات والولائم.
  • أو نوع يغلب عليه طابع الحزن كما في الرقص الجنائزي الذي تنطلق فيه مشاعر الحزن في تلقائية وهذا مانراه في رسوم الباكيات المرافقات لموكب المتوفى..


أما من حيث الاداء فيمكن أن نميز بين:

  • رقص أقرب الى حركات الأكروبات فيه مهارة شديدة في تحريك أجزاء الجسم.
  • ورقص يغلب عليه التعبير عن فكره، وهنا يصبح الرقص لونا من اللغة خلال الحركة.
الحركات و الموسيقى:
تعكس الرقصات عموما تنوعا في كيفية الاداء الذي يقوم على حركات الأيدي أو الأذرع أو السيقان أو تحريك الوسط والأقدام.. وهناك تعدد في الآلات الموسيقية التي تصاحب الرقصات كالدف وآلة أقرب الى الجيتار وأخرى قريبة من العود، والطبلة وغيرها، وقد يصاحب الرقص التصفيق بالأيدي أو طرقعة الأصابع .

الملابس وأردية الرأس و تسريحات الشعر:
وهناك تعدد في الملابس وأردية الرأس وفقا للرقصات المختلفة، فالراقصات أحيانا يرتدين ملابس قصيرة تصل الى مافوق الركبة أو عباءات مفتوحة من الامام أو ملابس شفافة أو شيئا كالقميص له أكمام واسعة.. وهناك الراقصات شبه العاريات كما في ولائم السادة والأمراء .. كما تختلف تسريحات الشعر مابين الشعر المستعار أو الشعر الطويل السائب أو المربوط بشريط أو المغطى بطاقية محكمة أو الشعر المزين بالازهار.. ونفس هذا التنوع ينطبق على ملابس الرجال أيضا.. وليس من الصعب أن نتبين أن هذا التنوع والتباين في الحركات والملابس ووسائل التعبير يعكس خلفيات متباينة لهذه الرقصات من حيث المدلول والنمط والفكرة والهدف.


هذا الموضوع مجمع و منقول من عدة مصادر موثوق بها

شكرا لكم
منال رأفت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكل من ترك تعليقا

إبحث فى الويب مع جوجل

Custom Search

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

التسجيل

ادخل بريدك الإلكترونى و احصل على احدث المواضيع:

Delivered by FeedBurner