فاروق جويدة شاعر مصرى معاصر .. رقيق الحس مرهف المشاعر.
القصيدة
وبعثت تعتب يا أبي..!
وغضبت مني بعدما
تاهت خطاي.. عن الحسين
أنا يا أبي في الدرب مصلوب اليدين
وزوابع الأيام تحملني و لا أدري.. لأين
والناس تعبر فوق أشلائي
ودمعي.. بين.. بين
وبعثت تعتب يا أبي
لم لا تجئ لكي ترى
كيف الضمير يموت في قلب الرجل؟
كيف الأمان يضيع أو يفنى الأمل؟
لم لا تجئ لكي ترى
أن الطريق يضيق حزنا بالبشر؟
أن الظلام اليوم يغتال القمر؟
أن الربيع يجئ.. من غير الزهر؟
لم لا تجئ لكي ترى..
الأرض تأكل زرعها؟
و الأم تقتل طفلها؟
أترى تصدق يا أبي
أن السماء الآن.. تذبح بدرها؟!
و الأرض يا أبتاه تأكل.. نفسها..
* * *
وغضبت يا أبتاه مني بعدما
تاهت خطاي عن الحسين..
أتراه عاش زماننا
أتراه ذاق.. كؤوسنا؟
هل كان في أيامه دجل.. و إذلال.. وقهر؟
هل كان في أيامه دنس يضيق.. بكل طهر؟
فبيوتنا صارت مقابر للبشر
في كل مقبرة إله
يعطي.. و يمنع ما يشاء
ما أكثر العباد.. في زمن الشقاء
أبتاه لا تعتب علي..
يوما ستلقاني أصلي في الحسين
سترى دموع الحزن تحملها بقايا.. مقلتين..
فأنا أحن إلى الحسين..
ويشدني قلبي إليه فلا أرى.. قدمي تسير
القلب يا أبتاه أصبح كالضرير
أنا حائر في الدرب.. لا أدري المصير!!
* * *
أنا في المدينة يا أبي مثل السحاب..
يوما تداعبني الحياة بسحرها..
يوما.. يمزقني العذاب
ورأيت أحلام السنين كأنها
وهم جحود.. أو سراب
وعرفت أن العمر حلم زائف
فغدا يصير.. إلى التراب
زمن حزين يا أبي زمن الذئاب
* * *
أبتاه لا تغضب إذا
ما قلت شيئا.. من عتاب
أبتاه قد علمتني حب التراب
كيف الحياة أعيشها رغم الصعاب
كيف الشباب يشدني نحو السحاب
حاسبت نفسي عمرها
حتى يئست من الحساب
وضميري المسكين مات من العذاب
أبتاه..
ما زال في قلبي عتاب
لم لم تعلمني الحياة مع الذئاب؟!!