5/04/2012

وعدتك أن لا أحبك ... قصيدة رائعة لنزار قباني.


وعدتك أن لا أحبك..
ثم أمام القرار الكبير..جبنت .

وعدتك أن لا أعود ..وعدت 

وعدتك أن لا أموت إشتياقا..ومت

وعدت مرارا..وقررت أن أستقيل مرارا ..
ولا أذكر أني إستقلت .

وعدت بأشياء أكبر مني ..
فماذا غدا ستقول الجرائد عني .

أكيد .. ستكتب أني جننت..
أكيد .. ستكتب أني إنتحرت .

وعدتك أن لا أكون ضعيفا..وكنت .

وعدتك أن لا أقول بعينيك شعرا..وقلت .

وعدت ...بأن لا..وأن لا..وأن لا..

وحين إكتشفت غبائي..ضحكت .

وعدتك أن لا أبالي ..بشعرك حين يمر أمامي .
وحين تدفق كالليل فوق الرصيف ..صرخت .

وعدتك أن أتجاهل عينيك ..مهما دعاني الحنين .
وحين رأيتهما تمطران نجوما .. شهقت .

وعدتك أن لا أَّوجه ..أية رسالة حب إليك ..
ولكنني رغم أنفي ..كتبت .

وعدتك أن لا أكون بأي مكان..تكونين فيه .
وحين عرفت بأنك مدعوة للعشاء..ذهبت .

وعدتك أن لا أحبك ..كيف ؟.. وأين ؟
وفي أي يوم وعدت ؟؟؟

لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق .
والحمدلله أني كذبت .

وعدت بكل برود .. وكل غباء..
بإحراق كل الجسور ورائي .
وقررت بالسر ..قتل جميع النساء ..

وأعلنت حربي عليك ..
وحين رأيت يديك المسالمتين ..إختجلت .

وعدت ...بأن لا ..وأن لا ..
وكانت جميع وعودي ..دخانا وبعثرته في الهواء .

وعدتك أن لا أتلفن ليلا ..
وأن لا أفكر فيك إذا تمرضين .
وأن لا أخاف عليك ..وأن لا أقدم وردا .
وأن لا أبوس يديك ..

وتلفنت ليلا على الرغم مني .
وأرسلت وردا على الرغم مني ..
وبستك من بين عينيك ..حتى شبعت .

وعدت ..بأن لا ..وأن لا ..
وحين إكتشفت غبائي ..ضحكت .

وعدت بذبحك خمسين مرة ..
وحين رأيت الدماء تغطي ثيابي .
تأكدت بأني الذي ..قد ذبحت .

فلا تأخذيني على محمل الجد .
مهما غضبت ..ومهما إنفعلت .
ومهما إشتعلت ..ومهما إنطفأت .

لقد كنت أكذب .. من شدة الصدق ..
والحمد لله أني كذبت .

وعدتك أن أحسم الأمر فورا ..
وحين رأيت الدموع ..تهرهر من مقلتيك .. إرتبكت .

وحين رأيت الحقائب في الأرض ..
أدركت أنك لا تقتلين ..بهذه السهوله ..

فأنت البلاد ..وأنت القبيله ..
وأنت القصيدة قبل التكون..أنت الطفوله .

وعدت بإلغاء عينيك ..من دفتر ذكرياتي .

ولم أكن أعلم ..أني ألغي حياتي ..

ولم أكن أعلم أنك ..
رغم الخلاف الصغير أنا..وأنني أنت .

وعدتك أن لا أحبك ..
ياللحماقة..ماذا بنفسي فعلت .

لقد كنت أكذب من شدة الصدق .
والحمدلله أني كذبت .

وعدتك أن لا أكون هنا..بعد خمس دقائق .

ولكن إلى أين أذهب ؟؟
إن الشوارع مغسولة بالمطر .

إلى أين أدخل ؟؟
إن مقاهي المدينة ..مسكونة بالضجر .

إلى أين أبحر وحدي ؟؟
وأنت البحار..وأنت القلوع..وأنت السفر .

فهل من الممكن أن أظل ..
لعشر دقائق أخرى..لحين إنقطاع المطر .

أكيد بأني سأرحل .
بعد رحيل الغيوم .
وبعد هدوء الرياح .

وإلا فسأنزل ضيفا عليك .
إلى أن يجيء الصباح .

وعدتك أن لا أحبك ..مثل المجانين ..فى ..المرة الثانية

وأن لا أهاجم مثل العصافير ..أشجار تفاحك العالية .

وأن لا أمشط شعرك ..حين تنامين ..
ياقطتي الغالية .

وعدتك أن لا أضيع ..بقية عقلي ..
إذا ماسقطت على جسدي ..نجمة حافية ...

وعدت بكبح جماح جنوني ..
ويسعدني أنني لا أزال..شديدالتطرف حين أحب .

تماما كما كنت ..
في السنة الماضية ..

وعدتك أن لاأخبئ..وجهي بغابات شعرك .
طيلة عام .

وأن لا أصيد المحار ..على رماد عينيك ..
طيلة عام .

فكيف أقول كلاما سخيفا ..
كهذا الكلام .وعيناك داري..ودار سلام .

وكيف سمحت لنفسي .. بجرح شعور الرخام .

وبيني وبينك ..خبز .. وملح ..وشدو حمام .

وأنت البداية في كل شيء ..ومسك الختام .

وعدتك أن لا أعود ..وعدت ..
وأن لا أموت إشتياقا ..ومت .

وعدت بأشياء أكبر مني .. فماذا بنفسي فعلت .

لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق .
والحمد لله ..أنني كذبت ..

*******

من شعر الرومانسى الرائع 

نزار قبانى

أرجو أن تكونوا قد اعجبتم بهذه القصيده




شكرا لكم
منال رأفت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شكرا لكل من ترك تعليقا

إبحث فى الويب مع جوجل

Custom Search

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

التسجيل

ادخل بريدك الإلكترونى و احصل على احدث المواضيع:

Delivered by FeedBurner